ضحراء ما وراء الصحراء!!
بمقدار ما يحمل هذا الكون من جمال في هندسته وتناسق تكوينه ورحابته التي ابرز ما تكون في لحظات التجلي والاشراق بقدر ما يكون ضيقا وكئيبا وفوضويا في حالات العتمة لدرجة انه يتضائل في نظر الرائي ليصبح كثقب الابرة ولا تجدي محاولات من تفلت منه لحظات التجلي والاشراق في الخروج من العتمة وتبقى محاولاته كضرير يحاول ان يمرر خيطا رفيعا من ثقب الابرة.
كيف لهذا العالم ان يتسع لا ستيعاب كل هؤلاء البشر على اختلاف اجناسهم واديانهم وثقافاتهم ,كيف له أن يستوعب اهواءهم ورغباتهم وان يحتمل العداوات التي تنشأ هنا وهناك لا بد ان له فلسفة لم يصل اليها الانسان وحتى لحظات التجلي والاشراق باتت قاصرة عن فهم احجية الكون الغامضة. خارطة الكون العظيمة التي تصغر وتكبر بناء على حالة الانسان النفسية وقدرتها الاستيعابية المذهله لا حتواء كل شي بما فيه الكلمة قد تثور احيانا وتغضب لتمحي بعض تضاريس الكلمة ان شعرت بان هناك تمردا يحاك خلف الحروف,ان علاقة الانسان با الكلمة ازلية وحاجتها اليه لا تقل اهمية عن حاجته الى الماء والهواء والطعام ,وكما ان للهواء امزجة فتجد الهواء النقي الذي يملاء الصدر حيوية ونشاطا ويزيد من سرعة تدفق الدماء في العروق وعلى النقيض منه الهواء الملوث الذي يحل ضيفاثقيلا على الرئة وغير مرغوب به وكذا الحال في الاطعمة ففيها ماهو طيب المذاق شهي وماهو مر كوريقات نبتتة الصبر فكذا الحال مع الكلمة ويبدو ان الذي يقرر هذا هو حاجة الانسان. كثير من الكلمات التي تبدو للوهلة الاولى مزعجة للاذن ومقلقة للمستمع ما تبرح بعد زمن ان تصبح كانغام موسيقى هادئة تبعث الراحه وقد تجعل الانسان ينام من فرط السكينة والهدوء,فمثلما يعتاد الانسان مذاق طعام قد لا يستهويه تعتاد الاذن على كلمات لم تكن على وفاق معها في الزمن الماضي لكن الفر بين هذا وتلك ان الاطعمه والهواء مصادرها الطبيعة التي وهبها الله عز وجل لتبعث الحياة بينما الكلمة فمصدرها هو فكر الانسان وقد لا يجني قائلها ثمرتها وقد يبقى مذاقها مرا في اذان الاخرين رغم قناعات قائلها انها ليست كذلك وهذا ما تكتشفه الاذان بعد رحيل اللسان الذي انجبها!! الصحراء القاحلة لا ترحم من يتجرا على عبورها فكثيرا ما سمعنا عن قصص اناس حاولوا الدخول في رهان مع رمالها وفي خصومة مع سرابها وانتهى بهم الامر الى مقبرة النسيان وقليل هم من اسعفهم الحظ للعبور ,حتى هؤالاء اكتشفوا بعد ان كتبت لهم النجاة ان النتائج التي تحققت من خوض هذه التجربة او المغامرة لم تكن تستحق كل هذا الجنون الذي ربما كان ثمنه مقبرة النسيان كاسلافهم. هكذا بدت لي الرحلة مع الكلمة فهي كا الذاهب الى اعماق الصحراء فهو لا يعرف ان كان سيصل ام لا وهل سيواجه قطاع الطرق ليسلبوه كل ما يملك او يقتلوه وهل ستذوب قطرات دمه فوق الرمال ام ان الصحراء فيها بقية من الوفاء لتحتفظ بها كوشما حتى ان كان لا خافة من يريد ان يرتكب جرم المغامرة والتحدي لعنفوانها.ان الرحلة مع الكلمة تبدو اكثر مشقة من مجرد عبور الرمال وهاجس البقاء . كنت كثيرا ما اقول اما ان للراكب ان يستريح؟! لكنها رحلة القدر التي تدفع الانسان الى حيث لا يعلم وتخلق له اعداء لا يعلم من اين اتوا ولما جاءوا وماذا يريدون وكثيرا ما كنت اتسائل واجيب واضع الافتراضات وبعد جدل مع النفس كثيرا ما اخرج باجابات معتمة ,كم تمنيت لو ان لحظات الاشراق في حياة الانسان كثيرة فربما ساعدتني للاجابة على ما يدور في ذهني لكن ليست كل الامنيات قابلة للتحقق. منظر ذلك الشرطي الواقف ببزته العسكريه وذقنه الحليق وهيئته المرتبه وعينيه الجاحضتين ويده التي يلوح بها للعابرين من امام الحاجز للتوقف للتثبت من هوياتهم وتفتيشهم كثيرا ما استوقفني ومع انه اعتاد على مروري بشكل دائم لدرجة انني بت اشعر ان بيننا صداقة تولدت رغم انا لم نتبادل الا بضع كلمات كانت لا تتعدى ابراز هويتي والى اين انا ذاهب واكاد اجزم انه يبادلني ذات الشعور من خلال ابتسامته العريضه التي ارتسمت على شفتيه في اكثر من مره وتغاضيه عن طلبي هويتي او سوالي كما اعتاد من قبل.هذا المنظر استوقفني وقلت لنفسي ماذا لو كان للحناجر معابر يقف عليها مثل صديقي الشرطي للتثبت من هوية الكلمات؟! هل كانت الكلمة قادرة على ان تخلق بينها وبينه جسرا من المودة كما فعلت مع صديقي الشرطي؟! وهل سيبتسم لها ويسمح لها با المرور من الحنجرة دون ان يفرض عليها قيودا؟!! كنت كلما اراجع رحلتي مع الكلمة تترشخ لدي قناعاتي القديمة ان الصحراء التي كانت تبتلع المغامرين في الماضي وقد روضها الزمن واقيمت عليها الحواجز لم تعد هي الصحراء التي تخيفني وان هناك صحراء اخرى هي الاكثر رعبا وهي صحراء الكلمة. لست جازما على اني قادر على خوض التحدي مع الصحراء الجديدة ولو افترضت ذلك فهل مجرد العبور كما فعل عابروا الصحراء هو الهدف؟!! اعتقد انني بحاجة الى المزيد من الوقت للتأكد من اشياء كثيرة قبل الاقدام على اي خطوة!! |
مرحبا بالتختور حمـــد :)
بس تعال يابوتركي ، وش معنى ضحراء هالحين الله يرحم من جابكـ ؟ :) .. |
مبدعنا وشاعرنا حمد العصيمي .,
قرأت كل مادوّن اعلاه حرف حرف ., ومع كل حرف أجد الابداع يلقي بضفافه مع كل وجهه يتجه لها فكرك وحديث نفسك المتقن والذي لا يخلو من الصواب ابدا ً .,:) تعتقد انك بحاجه لمزيد من الوقت قبيل ان تخطو بأي خطوه , واعتقد ان من حباه الله بهذا الفكر المغاير ., سيكون هدفه اغلى من مجرد العبور فقط ., وسيحقق كل مآربه بأقصر الطرق وسيأول الزهو لها لمجرد عبوره :) سلامي عليكـ ., |
ابو تركي لحست مخي
بس كلام ما بعده ولا قبله مبدع بكل شي يالداهيه |
د. حمد العصيمي
أتمنى أن أراك وقد أصبحت ملكاً متوجاً على هذه الصحراء . لأن حنجرتك ليست بحاجة لوجود أي نوع من الحراس ! . دام قلمك النابض بالتميز ودمت بخير . . |
صحراء الكلم ليست قاحله عند من يتقن مرورها بجنونه وهيبته ..
لافض فوك يامبدع . ، |
مبحث في غاية الاهمية والعمق 000
الف شكرا لك أخي حمد على هذا العمق الادبي الكبير000 |
حمد العصيمي وجانب آخر يعكس مدى مايتمتّع به من ثقافة ووعي ...
بحث عن الكلمة بالكلمة ... دمت بخير |
الدكتور حمد العصيمي
لاهنت وتسلم يمينك |
هلا يا عبد ربه هي صحراء لكن حبة رمل وقعت فوق الصاد فتحول الى حرف (الضاد)
شكرا لمرورك العابق يا صديقي |
اقتباس:
كلي امتنان وتقدير |
د حمد العصيمي
لايفوتني اي موضوع يحمل اسم حمد العصيمي ذلك الاسم الذي اجد في جميع كتاباته الثقه بمايكتب والمتعه والفائده فيما كتب0 للامام ومستقبل مشرق ينتظر هذا القلم الواعد0 اجمل المنى 0 |
((مثل كلمة طيبه كـ شجرة طيبه , اصلها ثابت وفرعها بالسماء)) صدق الله العظيم الكثير يغفل عن اهمية الكلمه ودورها الكبير في التواصل والتفاهم والفاعليه, وينسى كثيراٌ ما للكلمه من صوره تثبت في ذهن القارىء وتشده لذا لايعير لكلامه اهتماما ولا لتفكيره منطقاٌ فتجده في كل مكان ينشر الفتنه عمدا او دون قصد وهكذا هي الحياة ... بشر يحملون على عاتقهم امانة ومسئولية الامه ونهضتها وبشر لايحملون حتى انفسهم حتى نعـوُل لهم الأمر في النهايه اود ان اذكر ان نوح عليه السلام ظل مناصحاٌ قومه ألف سنة الا خمسين عاما فهذا الجهد ليس ببسيط ولا هين اذا قيس بمدى المتاعب التي يجنيها المناصح ولكن هذا قدره و(المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف):wardah: لذا انا على ثقه بأذن الله أن تنجلي العتمه في يوماٌ وستتلاشى كثيرا من الافكار الهدامه ولا يصح الا الصحيح د/حمد العصيمي مقاله رائعه بحق جزيت عنها خيراُ بهذا الشهر الفضيل دمت بـ الف خير |
السعير عبد الله هو المطلوب ههههه
|
لله درّك وبس
مريت من هنا وانا عجل :) بس اكيد ان لي رجعه لهذا الفكر الراقي سلام يادكتور |
د / حمد .
انت مدهش بكل فضاء تحلق به . ادام الله عطاءه عليك وحفظك للأدب والكلم نبراسا ومنبرا . مودتي لك . |
الغالي محمد الحمياني
مرورك فخر يا الامير وكل عام وانت بخير |
كلام منطقي يا دكتور .. والتمعن في اطوار الحياة ينمّي لدينا الشعور
بمعقولية التأمل .. وضرورة التفحّص لا هنت على ايراد هذا الجهد للقارئ تحياتي .. |
الغالي محمد صالح العتيبي
مرورك فخر يا الامير لا خلا ولا عدم |
| جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:43 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
شبكة المرقاب الأدبية