دية المرأة
تمهيد :
المرأة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي مخلوق مكرّم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أوصى بها كثيراً فقال: ((استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء))1 وأعطاها من الحقوق ما لم يكن يخطر على بالها في أيام الجاهلية، فحرم وأدها وهي حية، وأوجب لها النفقة والسكنى على وليها سواء كان أباً أو أخاً أو زوجاً، وجعل أمر نكاحها في يدها، وجعل لها الحق في مقاضاة والدها أو وليها إن عضلها في النكاح، وحرم إهانتها، وأمر بمعاشرتها بالمعروف، وجعل المهر لها حقاً واجباً على الرجل، ورفع عنها التعسف الذي كان مسلطاً عليها أيام الجاهلية من اعتبارها مذمةً وعاراً، ومن إلزامها بالحداد سنة كاملة على زوجها؛ لا تمس ماءً، ولا تمتشط، ولا تستحد، ولا تُقلِّم ظفراً، ولا تزيل وسخاً، وتحبس في بيتها لا تخرج منه أبداً حتى تنقضي هذه السنة، وجاء الإسلام، وخفف عنها هذا الحداد إلى أربعة أشهرٍ وعشرٍ، وأجاز لها أن تمس الماء، وتتنظف، تمتشط، وتستحد، وتقلم أظفارها، وتزيل الوسخ عنها، وأجاز خروجها من بيتها نهاراً إن وجدت لذلك حاجة أو ضرورة، ونزلت سورة كاملة في القرآن سُمِّيت بسورة النساء، ولم توجد سورة باسم الرجال، وقدمها الإسلام على الرجل في باب الحضانة للأولاد، وجعل حقها في حسن الصحبة مقدماً على الأب، وجعل الجنة عند رجليها، وليس ذلك للأب. كما أن الإسلام قد أعطى المرأة من الميراث في حين أنها كانت محرومة منه، وجعل القصاص على من قتلها عمداً، أو الدية، وهذا ما لم يكن له وجود أيام الجاهلية الأولى، كما أن المرأة قد شاركت في إبداء رأيها في قضايا الإسلام الكبرى كما حصل ذلك في حديث أم سلمة المعروف في صلح الحديبية، وشاركت في الجهاد مع المسلمين بمالها، وشاركت بنفسها في مداواة الجرحى والمرضى .. الخ . نبدأ في سير هذا الموضوع في المحاور التالية كما ذكرت في موقع امام المسجد : تعريف الدية : لغةً: حَقُّ القَتيلِ تعريف الدية اصطلاحاً: "مقدار معلوم من المال على عاقلة القاتل في الخطأ، وعليه في العمد؛ بسبب قتل آدمي حر معصوم - ولو بالنسبة لقاتله - عوضاً عن دمه" ذهب الأئمة الأربعة الى ان دية المرأة على النصف من دية الرجل .. ! الأدلة : حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((دية المرأة على النصف من دية الرجل)) سنن البيهقي ما جاء في الأثر أن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - قالا: "عقل المرأة على النصف من دية الرجل، في النفس وفيما دونها" معرفة السنن والآثار للبيهقي واستدل العلماء أيضاً على تنصيف دية المرأة بالقياس على ميراثها وشهادتها.. قال الكاساني: "ولأن المرأة في ميراثها، وشهادتها على النصف من الرجل، فكذلك في ديتها" بدائع الصنائع في ترتيب الشرايع ، فالأصل الميراث والشهادة .. والفرع الدية .. والعلة الجامعة بين الفرع والأصل هي الأنوثة ؛ والحكمة من التنصيف: هو أن الرجل مكلف بأعباء مالية أكثر من المرأة .. فالرجل ملزم بالنفقة والسكنى لها .. وهي من لوازم الذكورة .. والأنثى غير مكلفة بذلك .. ولذا ناسب أن يكون الأصل في ميراث المرأة هو أنها على النصف من ميراث الرجل .. وإنما كانت العلة الجامعة بين الفرع والأصل الأنوثة ؛ لأنها وصف ظاهر منضبط .. ورد منصوصاً عليه في الأحاديث المتقدمة الدالة على التنصيف .. والتي ربطت التنصيف بالأنوثة .. وربطت عدمه بالذكورة .. وهذا يدل على أن الأنوثة هي الوصف المؤثر في الحكم .. وهو سبب الحكم وعلته. شبهات وردود : إذا قيل: هل يمكن أن نأخذ من قوله - تعالى-: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَة66مساواة دية المرأة للرجل، لأنه لم يفرق بين دية ودية؟ فالجواب عن ذلك: أن الآية فيها إجمال بينته النصوص الشرعية القاضية بالتنصيف، ولا تعارض بين مجمل ومفسر؛ لأن معنى الآية ودية مسلمة إلى أهله، الرجل تسلّم عنه دية رجل، والمرأة تسلّم عنها دية امرأة، قال الشوكاني: "الدية: ما تعطي عوضاً عن دم المقتول إلى ورثته، والمسلَّمة: المدفوعة المؤداة، والأهل المراد بهم: الورثة، وأجناس الدية، وتفاصيلها قد بينتها السنة المطهرة" إذا قيل: إن عدم مساواة المرأة بالرجل في الدية يُربي التفرقة والعنصرية بين جنس الرجال والنساء، لاسيما وهن يشتركن مع الرجال في الإنسانية، فهل يمكن القول بالمساواة سداً لهذه الذريعة كما يروج لهذه الشبهة العلمانيون والليبراليون والعقلانيون؟ فالجواب عن ذلك: أن هذا لا يكون إلا عند من أساء الظن بربه وبشريعته ؛ لأن هذا التشريع من عند الله - تعالى-، وهو أعلم ما يحتاج إليه العبد، وهو الأعلم بما يصلحه، فما على العبد إلا أن يسلم الأمر لربه، ثم إن العمل بسد الذرائع في الشريعة إنما يكون فيما ليس فيه نص ولا إجماع، والنص والإجماع هنا واردان. إذا قيل: إن المرأة أصبحت تنافس الرجل في شتى مجالات الحياة، كما أن بعضهن ينفقن على أنفسهن، أو على أسرهن، فما دام وقد ساوت الرجل في هذه المسائل فلماذا لا تساويه في الدية؟ فالجواب: أن هذه الأمور كلها ليست مبرراً للمساواة في الدية؛ لأنها أوصاف غير معتبرة، والوصف المعتبر الذي دلت عليه النصوص في هذه المسألة هو الأنوثة، والمرأة حتى لو زاحمت الرجل في مجالات الحياة، أو أنفقت على نفسها، أو على أسرتها، إلا أن هذه الأعمال لا تغير من أنوثتها شيئاً، فهي أنثى على كل الأحوال، عملت هذه الأعمال أو لم تعملها، وليس هذا إنقاصاً للمرأة أو تقليلاً من شأنها، فالحياة بدون وجود الأنثى لا قيمة لها، والحياة بدون وجود الذكر لا معنى لها، وليس إثبات صفة الأنوثة للمرأة تحقيراً لها، كما أن إثبات صفة الذكورة للرجل ليس مفخرة له، وإنما هو نظر إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها، حتى يتم التعامل مع هذه الفطرة وفق مراد الشرع، والشرع لله وليس للرجل كما أنه ليس للمرأة أيضاً. |
موضوع قيّم ومهم خصوصاً ونحن في زمن كثُرت فيه الشُبهآت
جزآك الله خير اخي "محمد" وجعله في ميزآن حسنآتك ,, كل الشكر! |
موضوع قيّم يامحمد
وفيه تبيين حقيقه قد لايعرفها الكثير غيمار |
موضوع مفيد يا محمد
والله يجعله في ميزان حسناتك ودي |
جزاك الله خير الجزاء يالغالي محمد بلال
وبارك الله فيك على الموضوع المبارك والرائع حقيقه رحم الله والديك والمسلمين يارب. التحيه والاحترام , |
ابو بلال
شكراً على ايراد هالموضوع القيم .. وكتب الله لك الاجر .. لك فائق احترامي وتقديري ...!! |
موضوع متميز , ,
غير مستغرب منك يابو ليان هذا التميز والجمال , , لا هنت لا هنت . . تحياتي |
[align=right]
موضوع مهم جدا جدا وحيل بعد لا هنت يا محمد عليه وجزاك الله خير [/align] |
موضوع قيّم ومهم خصوصاً ونحن في زمن كثُرت فيه الشُبهآت
جزآك الله خير اخي "محمد" وجعله في ميزآن حسنآتك ,, كل الشكر! |
ريمانا
الشكر لحضورك الراقي لا هنتِ .. وكتب الله لنا ولك الأجر تقديري .. |
متميز دايم يا محمد الله يجزاك خير
لك التقدير |
• جزاك الله خير يا محمد وألف شكر على الموضوع :wardah: |
اقتباس:
لاعدمناك ،،، |
[align=right]
جزاك الله خير الجزاء على ماقدمت وموضوع له قيمته واهميته [/align] |
نايف المقاطي
لا هنت على مرورك .. وجزاك الله خيرااا |
اقتباس:
ولا هنت على مرورك يـ الغالي |
:
على رسولنا الكريم أفضل الصلوات وأتم التسليم الحمدلله الى مالانهاية على نعمة الإسـلام أخي الكريم محمد جزاك الرحمن خير الجزاء على النقل القيم .. دمت بكل الخيـر .. |
هلا اخوي محمد
الله يجزاك خير على هالموضوع المفيد |
آمين واياك وكل المسلمين
فهد الماجدي .. كل الودّ |
.. اللهم صلّ وسلم ع سيد البشر وأفضلهم , موضوع كافي ووافي , جزاك الله خير وأثابك ع ماقدمت ’ .. |
راكان المغيري
هلا بك .. ولا هنت على مرورك جزاك الله خير على تواجدك تقديري .. |
نادر العنزي
المتميز حضورك وتواجدك لا هنت تقديري .. |
| جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 10:24 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
شبكة المرقاب الأدبية