
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مطلق الجبعاء
مرت بالشارع وكان الأطفال الأشقياء يرمونها بالأحجار حتى توارت عن الأنظار
تلك العجوز المجنونه
كانت تطرق الأبواب بحثا ً عن أبنها يونس
في تلك الناحيه .. لا يستغرب أن يطرق بابك بأي وقت
أنها أم يونس تسأل عن أبنها المفقود
لكنها يأست من وجوده .. ولم تعد تسأل عنه ./ هل اليأس شعور يتملك المجانين؟ .. أم هل للمجانين شعور؟
كنا نراها باليوم مرتين على الأقل
أنا كنت أتوجس منها قليلا ً في طفولتي
مع أنها لم تبدي أي حركه عدائيه أبدا ً لأي أحد .. حتى للأشقياء قاذفي الأحجار
كانت تأتي لأمرأه مسنه حنونه في حيها .. وتقوم المجنونه بأعطائها نقود من راتبها المخصص من الحكومه لشراء ما تحتاجه .. ( قدح صغير وخضار ورز وبهارات وزيت ) نقودها لا تكفي أكيد
لكن تلك المسنه الكريمه كانت تكمّل ما ينقص لتأتي به لأم يونس المسكينه
وبعد سنين نقلت من ذلك الحي وكثر ترحالي أيضا ً ولم أنساها وكنت أتسأل بيني وبين نفسي هل هي بخير؟
عندما أستقريت .. سألت عنها وقالو لي :
أنها توفيت من أربع سنوات فائته .. حزنت
لكني لم أحزن كثيرا ً .. الكذب خيبه
وظلت أم يونس في بالي .. كل ما رأيت تعيس في هذه الحياه
ورحت وسألت ماهي قصة أم يونس المسكينه
قيل لي :
كانت أم يونس في صباها جميله ذات ذوائب شقراء وعينان زرقاوان مليئتان بالذكاء ربت تحت كنف عائلتها التي تتكون من والديها وأخيها الأصغر منها عدنان
حتى جائها نصيبها وتزوجت من رجل من جنسيه أخرى وهو مقيم في بلادها صاحب وظيفه كفيله بحياه عزيزه
ورزقت منه بولد .. وأسماه يونس
كانت كأي أم رزقت بأول طفل تحبه لحد الجنون
كان طفلها يشبهها كثيرا ً جميل وأبتسامته البريئه يعشقها كل من رآه
وبلغ سنته الثانيه وكان يتوهج نشاطا ً وجمالا ً
لكن لم تصفو الحياه
وأنتهى عمل زوجها في بلادها وقرر الذهاب لبلاده بلا رجعه
ورضخت لنصيبها وأمره وتجهزت للسفر بصحبته
لكنه قرر أن يأخذ أبنها ولا يأخذها معهما
وطلقها .. ذاهبا ً بأبنها عنها لبلاده
.. 2 ..
هل يونس عندكم؟
أريد أبني؟
أرجوكم أرجعوه إلي !!
هذه كانت كلماتها لكل من فتح بابه لها بالحي
جن جنون الأم المسكينه
غلبتها الأمومه ولم تصدق واقعها وتسلّم له
فقدت مع أبنها عقلها وأنفطر قلبها ألما ً لفراقه
ومرت السنين وتوفى والديها
ولم يبقى لها سوى أخيها عدنان
المتزوج من أمرأه أقترنت بالشيطان قبل أقترانها بعدنان
كانت تجرّح وتنهر وتعذّب تلك الأم الحزينه وتزيد الآامها الآاما ً
أخرجوها من غرفتها وأسكنو أبنائهم فيها
وأسكنوها بفناء البيت .. بغرفة ٍ خشبيه لا تحميها عن الأمطار والبرد القارص
وتدريجيا ً قاطعوها وقطعو عنها .. الأكل والماء .. ولو كان الهواء بأيديهم لقطعوه عنها
ولم تمد يد الحاجه لأحد .. فقد كان عدنان يعطيها قسما ً ليس بيسير من راتبها المخصص من الدوله
كأنه يعطيها عصا لتحمي نفسها من مخالب أسد !!
أضطرت أن تأتي لأمرأه مسنه بحيها .. كانت هي أرحم نساء ذلك الحي ردا ً عليها ومواساة ً لها
وتطلب منها .. أن تزودها بأقداح للأكل وملتزمات من الزاد والماء .. وجنونها لم يفقدها ما تمتعت فيه عند صباها من فن أعداد الموائد ولم يفقدها أيضا ً حرصها على حاجاتها .. وكانت تلك المسنه تشتري لها وتكمّل ما نقص من حساب حاجات أم يونس المسكينه
تنويه : لم تكن أم يونس رغم جنونها مقصره بواجباتها الدينية
وأنكفئت على وجهها تهيم بطرقات الحي .. بحثا ً عن يونس المفقود
والسنين تجر السنين ولم تلتمس أملا ً .. ووجد اليأس طريقه لقلبها المفطور وأستحله
وكبرت بالسن وقل جهدها وتغلغل الجنون بعقلها حتى نسيت يونس !!
معقول تنسى من كان السبب بجنونها؟
للأسف نسيته بعدما أتعبتها مخالب الحياه بمساعدة مضايقات أخيها وزوجته وأبنائهم
.. 3 ..
في صباح يوم ٍ مشرق من أيام شهر فبراير البارد طرق باب البيت وفتح أحد أبناء عدنان
إذ وجد الطارق / رجل يبلغ من العمر الخامسه والعشرين يتضح من ملابسه أنه ميسور الحال وصاحب مركز متوسط
يسأل هل هذا بيت عدنان؟
فأجأته الأجابه وسأل عن أم يونس وقيل له موجوده تطبخ غدائها بغرفتها التعيسه بأقصى الفناء
فدخل عليها
فتوجست منه
وصدم بالأمر الرجل
وقال أنا يونس يا أماه
ولم تحرك هذه الكلمات في قلب المسكينه شيئا ً
بل حاولت الأبتعاد عنه في زاوية غرفتها ممسكة ً ملعقة كبيره كانت تدير بها حسائها لتحمي نفسها من هذا الغريب
وخرج متجها ً لخاله عدنان .. متسائلا ً عن حال أمه
وبعد سماعه لقصتها
أبدى ندما ً قليلا ً كأنها كانت هي من تسببت بذلك لنفسها وذهب تاركا ً وراءه من جنّت بسببه
كان صغيرا ً وأخذه والده عنها وجنّت بسببه
ورجع رجلا ً وتركها .. لأنها مجنونه ولا تشرفه أجتماعيا ً
وتركت أم يونس على جنونها .. حتى توفيت ولم يذكرها أحدا ً
الا إذا كانت قد مرت بحدث ٍ أهم منها .. فتذكر كـ من حضر ذلك الحدث للتأكيد
بعد سماعي قصتها .. حزنت كثيرا ً كثيرا ً كثيرا ً .. وهذه المره حزني كان حقيقه وليس كذب
لأنها كانت أمامي .. ولم أعرف سر شقائها .. وأساعدها .. ولا أدري لو عاد بي الزمن كيف سأساعدها صراحة ً .. لكن حزني لم أعرف سببه
وقررت كتابة قصتها هنا من منبري الصغير هذا
متمنيا ً أني أوفيت لو بعض حقها علي .. كـ جاره مجنونه كانت تفوق أحتراما ً وهدوئا ً وتقديرا ً على كثير من الجارات العاقلات
أسف على أطالتي .. وأعذروني فأنا لست قصصي ولا أديب ولا كاتب مبتدأ حتى
( وياروحي يامهبّل حارتنا)
<< وين الحزن؟ .. أشهدنك نصاب
سمعتها من الراس الراس
واستمتعت بقرائتها مره اخرى هنا
شكرا لك يابوجبعاء
وياروحي يامهبل حارتنا وبقاله شمروخ 
...