|
..! تدور وتدور الدُّمى !..

(( تدور وتدور الدّمى ))
كانت هذه الأغنية آخر ما سمعه الطلاب في فصلهم الدراسي في بلدة ( آردين ) الفرنسية وكانت معلمتهم ترددها لهم لتعيد كلماتها السلام الى العالم المشتعل بفتنة الحرب العالمية الثانية آنذاكـ ..!
لم يسمعوها مرّة أخرى حيث فاجأهم الألمان بالهجوم صبيحة اليوم التالي وأصبحت المدارس والبيوت دماراً على حدٍ سواء .. ودوران الدّمى لمن يكن كما ينبغي .. ولم يعرفوا ما كانت تخبؤه لهم إشراقة اليوم التالي المُريعة من اهوال وفجائع .. !
لم تكن تلك الا مقدمة يسيرة لما كنت أريد البدء فيه من موضوع .. فالدُّمى على مرّ التاريخ تدور وتدور بطريقة تدعو الى التأمل .. وتجعلنا نقف حتماً لكل تفاصيلها .. !
فما يسطره التاريخ ليس الا صورة طبق الأصل لما حدث ويحدث عبر العصور فالدّمى ما زالت تدور بشكل لم يكن مرتباً من قبل .. ولا متوقعاً في لحظة .. !
فرعون العُتل الجبار افتخر بملك مصر ومياه الأنهار التي تجري من تحته
فدارت رحى الأيام لتهلكه مياه البحر من فوقه ..! ولم يُغنْ عنه مُلك مصر شيئاً .. وما زال الفراعنة حتى يومنا يتهاوون كالدّمى .. !
المعتمد بن عبّاد أحد ملوك الطوائف استعان بالمرابطين لطرد النصارى من اماراته فكانه استجار من الرمضاء بالنار .. قتلوا أمرائه ووزرائه وجعلوه أسيرا حسيرا في بلاد المغرب في مشهد مشين أغاض بناته وزوجاته صبيحة العيد الأليم ..!
نفوذ البرامكة ببلاد الشام انتهى في لحظة قناعة من هارون الرشيد بخطرهم المُحدق واستبدادهم المقيت
فأنقلب السحر على الساحر وانتهى بهم العزّ والسلطان والوزارة الى سجن وذلّ وتشريد .! فعسى أن ترى تلك البلاد عودة لتاريخ مجيدٍ مندثر ..!
وصل صدام الى الحكم فنُفّذ فيه الحُكم
أحاطت به أسرته فدارت الدّمى على عثرته ..!
فضّل بن علي تفرّده بالحكم في تونس في ظل ادعاء عجز من سبقه .. لياتي اليوم الذي يعجز فيه هو كذلك ليرحل هادماً ما بنى .. مفلساً مما جَمع .. !
أدعى ( معمّر ) تأسيس شعب وجَمع أمة فلم يتأتى له أن ( يُعمّر )
مسار التاريخ لا يتغير .. ولحظة النهاية تحسمها البداية
والدمى تدور وتدور على رؤوس البشر ..
ولكن ثمنها باهض .. وسعر التغيير غالياً ومكلفاً وقتاً وجهداً ودماً .!
فدماء الأبرياء هي الوسيلة للوصول الى غاية مزيّفة على مرّ الأيام .. وستبقى قاعدتهم ( أن الواجب ثقيلاً كالجبل ؛ لكن موت الجندي خفيف كالريشة )
عجلة التغيير بطيئة نوعاً ما
قوامها الدم .. ومحركها النابض دم الأبرياء الناضب 
اذا تحدثت عن خمسين مليون نفس أزهقت في الحرب العالمية الثانية كمثال يسير تدرك الأطماع البشرية اللامتناهية ممن لا يسعى لحفظ الأرواح وحقن الدماء
فهناك من يسعى لسيطرة الرايخ وملك الأرض .. وهناك من يرغب استمرار الامبراطورية البريطانية لـ ألف سنة ليقول الناس : كانت تلك أفضل أيامهم
لم تنتهي حلقات المسلسل بعد
فقد دفع القذافي بـ ( 50000 ) أو يزيدون حتى هذا التاريخ في سبيل ان تبقى ليبيا في القمة كما يزعم
وسيحرق بشّار الشرق الأوسط في غضون ساعات لـ ينفي الإشاعات المغرضة ومؤامرات الإطاحة بحكمه الموروث
نحن بإنتظار الدُّمى لتدور على ما نتمنى .. فسيحصد أبناؤنا اذا لم يتحقق لنا ثمار الربيع العربي الحالي .!
شكرا لمن قرأ تمتمات وكلمات غير مدروسة
الى اللقاء
|