ردنا على جينيف
لن أطول عليكم اليوم, ولكن لابد من وقفة لنرد على فلاسفة الإجرام في جينيف, وعلى رأسهم الإدارة الأميركية ممثلة بأجيرها عنان وأجيره نبيل العربي. لن أضيع دقائق هامة من وقتنا جميعاً أعبر فيها عن "خيبة" أملنا بالمجتمع الدولي وإصرارنا على الثورة حتى النصر, فتلك أصبحت بديهيات يرددها حتى الأطفال في سوريا بعد أن أصبح هذا أسلوب حياة لنا جميعاً ولم تعد مجرد مواقف سياسية. ولكن سألخص بضع نقاط هامة وجب علينا كثوار الانتباه لها.
لم أعر اهتماماً بصراحة, للنقاشات والأخذ والرد, والتعابير الرنانة من هنا وهناك, ولا لمواقف روسيا والصين ولا حتى أميركا. ولكن الذي لفت نظري هي كلمة قالها أنان لربما كانت ذلة لسان أفصحت عن ما جرى خلف الكواليس, أو ربما كانت مقصودة كرسالة واضحة لكل الأطراف ليتصرفوا بناءً عليها. قال أنه يعطي أو يتوقع أن تؤتي هذه الاتفاقية أوكلها بعد... سنة! وهذه أول مرة تعطى العصابة مهلة بهذا الطول. فبالعادة, تدوم المهلة أسابيع, شهر, أو ثلاثة شهور إلى أقصى حد. ولكن سنة! طبعاً الواضح بالأمر أن هذه السنة هي مدة طلبتها أمريكا (إسرائيل) حتى قبل أن يبدأ المؤتمر, ثم فصلت التفاصيل على مقاسها, وهنا ذلة اللسان. فهذه الاتفاقية هي ليست عملية فنية لها تفاصيل معروفة البداية والنهاية, كبناء جسر أو برج, أو إصلاح محطة كهرباء, أو زراعة محصول. هذه اتفاقية على ورق تشمل عشرات الأطراف ولا تحتوي حتى على خطوات عملية مفصلة حتى يدعي أحدهم أنه يعرف تماماً كم تتطلب من الوقت.
الرسالة إذن أن سنة ستكون كفيلة بإركاع الجميع. طبعاً قد يركع الأسد بسنة أو أقل, هذا لا شك فيه إن شاء الله. ولكن الذي سيحصل لنا في سنة هو ليس ركوع, فالركوع لم يعد خياراً بعد أن سقط أول شهيد في هذه الثورة. وأنا لا أبيع أدبيات هنا, بل والله إن الركوع ليس خياراً, ولا حتى لأصغر طفلاً فينا. ولكن الذي سيحصل لنا في سنة, هذا إن لم تصعد العصابة من الوتيرة الحالية للقتل, هو سيكون ملايين الضحايا بين شهيد وجريح ومشرد ويتيم ومعتقل. سنة من الجرائم ستكون كفيلة بإزالة مدن كاملة من على الخريطة السورية, بما فيها من بشر وحجر. وهذا هو تمام صلب رسالة أنان (أميركا). هو أننا كثوار لا خيار أمامنا إلى الركوع.
الواضح أنهم غي مقتنعين بإصرارنا على المضي ولا بقدراتنا على تطهير البلد. فسقف المطالب الدولية مازال يهبط على عكس مطالبنا. فتصوروا أنهم ولأول مرة يقبلوا بعدم تنحي الأسد, وهو شرط روسيا والصين. لم يعترض أحد عندما طالب الروس بشطب شرط عدم السماح بمن يعرقل تشكيل الحكومة الجديدة بالانضمام إليها. لقد شطب هذا البند يا شباب بناءً على إصرار موسكو! على هزالته وسخفه. نعم, يبدو أنهم لم يعودوا يقيمون لنا أي حساب بعد أن أدركوا أن ثورتنا ستطيح بسنين من الترتيبات الإسرائيلية لطريقة عيشنا وظروف حياتنا وظروف بلدنا وأسقف تطورنا وأخلاقنا المنخفضة لأسفل السافلين... فلقد خافو على كل هذا بعد أن أدركوا أن ثورتنا أعمق بكثير من جميع الثورات العربية الأخرى مجتمعة.
فردنا سيكون عبر ثلاث مراحل, التصعيد ثم التصعيد, ثم التصعيد. فأنا أخشى ما أخشاه أنه مازال هناك من جهابذة المجتمع الدولي من يعتقد أن الأسد قادر على ربح هذه المعركة بعد سنة. لذلك وجب أن يكون اتجاه الجيش الحر هو ضرب معاقل العصابة وسط مدينة دمشق. أعرف أننا نادينا مراراً وتكراراً بهذا, ولكن إلى أن يحصل هذا, العصابة مازالت تستطيع التظاهر ببعض المكاسب. وجب استهداف مراكز السيادة في هذه العصابة, حتى يدرك المجتمع الدولي أن بشار غير قادر حتى على حماية مؤسساته الخاصة. عملية اعتقال اللواء وعميد المخابرات لهي خطوة رائعة بهذا الاتجاه, ولكن وجب فعل المزيد. ميزتنا هي أننا الطرف القادر على الربح في هذه الحرب الغير تقليدية. وجب أن لا ننجر لنخوض حرب تقليدية مع جيش يفوقنا عدداً وعدة. لا يجوز أن نتحول إلى جيش صغير يحارب جيش كبير على الجبهات وبأسلحة تقليدية. حرب العصابات تشمل في ما تشمله, تفجيرات, خطف, قنص, فرق اغتيالات تجوب المقاهي والأماكن العامة. ما أروع عملية تسميم أفراد العصابة... ولكنني أكاد أفقد عقلي أن سبب فشلها هو سوء تحضير السم! ماذا تريدون العالم أن يقول علينا؟ لا بد أنه سم شغل سوريا؟؟؟ هذه هي حرب العصابات... كل شيء فيها غير تقليدي, من أهداف لأساليب, ولكن سرنجاحها هو التخطيط والاتقان.
وللأخ الكريم الذي سألني عن توصياتي الماضية بضرب معاقل العدو بالجولان, إن كانت قد حصلت, والواضح من هذا السؤال أنه سؤال جدلي لعل الهدف منه هو تذكيرنا أن معظم ما نتخاطب به على هذه الصفحة يبقى نظرياً, لهذا الأخ الكريم نقول, أنه يا أخي نحن نفعل ما بوسعنا, ونتمنى أن تصل كلماتنا لمقاتلين قادرين على تغيير هذا الواقع, فأنا بالنهاية لست آمر كتيبة بالجيش الحر. بل نسعى جميعاً للمساهمة بجهد شخصي عل الله يجعل فيه خيراً لثورتنا ولشعبنا... ودمتم سالمين.
الثــــائــــــــــر المتفــــائـــــــل