حين يتصاحب صوت المؤذن في صلاة الفجر مع صوت الرصاص..
وحين تموت الحياة في الطرقات بعد السابعة مساء
وحين تفتقد الأمان وأنت في بيتك الموصد بقوة
ليش خوفا من لص طامع بل خوفا من قذيفة طائشة
وحين تشعر أن أكثر الأوقات خطرا هي وقت صلاة الجمعة
وحين تشعر أنك أينما ذهبت مراقب من عيون ليس لهاعقول
وحين يكون القتل أمرا اعتياديا كالأكل والشرب وفي أي وقت
وحين تكون الحياة آخر ما تلقي لها بالا
وحين تشعر أن الأشياء فقدت قيمتها المادية والمعنوية
وحين تشعر أنك وحيدا في مواجهة أشرس اجرام مر عبر التاريخ
وأن لا ناصر لك غير الله
فاعلم أنك في سوريا
خان شيخون تلك المدينة شبه المنسية ترتكب فيها أفظع وأبشع الجرائم , حسب المعلومات التي وردتنا هناك حوالي أكثر من 80 شهيداً ومئات الجرحى بسبب قصف المدينة بقذائف وصواريخ محرمة دولياً , الكهرباء والماء وخدمات الاتصالات والانترنت مقطوعة عن المدينة وهناك صعوبة كبيرة جدا في اسعاف الجرحى وتعتيم اعلامي غير مسبوق عن ماتشهده المدينة من مجازر .
حسبنا الله ونعم الوكيل .... حسبنا الله ونعم الوكيل
حمـــــــاة عنقاء سوريا: من مدونة سامرا:
” اي والله يا ماما رموهم بالرصاص أمام عيون أمهاتهم “
ونبكي سوية ..
أستيقظ في اليوم التالي و حماه بين عينيّ ..أول ما أفعله التوجه لهذه الشاشة لأتابع قراءة الصفحة التي تركتها قبل أن أنام..
أمي تجلس على الطاولة مقابلي تكوي ..
“ماما ، هل صحيح أن الجثث ملأت الشوارع و لم يكن باستطاعة أحد الاقتراب منها؟”
ايـــــه والله يا ماما ..
” ماما .. هل حقيقة أنهم كانوا يسلمون الجثث للأهل بعد الاعتقال كما يحدث اليوم و أكثر ؟ هل فعلاً بعض المعتقلين بقوا سنين هناك و بعضهم لم يخرج للآن؟”
تجيبني أمي بحرقة على المعتقلين .. نعم يابنتي ، كانوا كذلك و مازالوا .. كانوا يذوقون أشد أنواع العذاب.. كانوا يتمنون الموت أحياناً .. يخرجون بنفسية لا تقوَ على الكلام.. بعضهم لا خبر عنه للآن، لا يعلم أهله إن كان حيّ أم مات ..
نصمت دقيقة .. و أعيد فتح جراح أمي ..
” كانوا يغتصبون النساء أمام أعين أهاليهم و في بيوتهم؟! “
” ماما، منعوا الحجاب عنكن؟ قصفوا الجوامع؟ منعوا الاحتفال بالأعياد الدينية؟ “
أكمل قراءة القصص الدامية .. و قلبي يعتصر على جيل سبقنا وجيل يعيش اليوم معنا ..
“ماما قتلوا طفل معاق لأنه لم يستطع أن يقف كما أمروه!! “
” قرأت حدث مفجع ..هل كانو فعلا يأكلون كبد البشر ؟!! “
تدمع أمي، و أدمع ..
تجيبني : أخشى أن ما حدث كان أكثر ..
” يا إلهي قصة رهيبة ، تعالي اقرأيها معي “
وضعت يدي على فمي، دهشت .. تقول القصة : بأن جنود الأسد دخلوا لأحد البيوت فما وجدوا إلا عجوز فيها.. طلبوا منها الإفصاح عن مكان رجال المنزل، لم تفعل .. فأجابوها بأنهم لن يذهبوا قبل أن ترقص لهم ! فرقصت لهم ، و ضحكوا .. ثم حرقوها حيّةً .. ورحلوا .. مخلفين ورائهم أحقاداً لا تنتهي ..
بكينا معاً .. صرخت.. لم لم يقتل أحدكم هذا السافل؟ لم لم تخبرونا بكل تلك الحقائق ؟!!
يقطع جواب أمي صوت قذيفة آت من بعيد .. ثم صوت رصاص كثيف..
أبتسم بغصّة ..
هل قلنا أن حماه لن تتكرر؟