شهيدٌ آخر تهمته الحقيقة و الوطن


مِنَ المُؤْمنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدوا اللهَ عَلَيْه


بقلوبٍ متألّمة صابرة , و إيمان لم يتغيّر بالحرية و الحلم و الوطن و مبادئنا في نقل الحقيقة و توثيقها حتى لا يضيع التاريخ و حقوق الشهداء و حتى لا ننسى :


تزفّ إليكم شبكة شام مراسلها في دير الزور الشهيد
عبد العزيز راغب الشيخ " أبو عمر الديري" ,
استشهد بالقصف على حي الجبيلة بدير الزور , اليوم 26-9-2012


أبو عمر الديري , هذا الاسم الذي طالما ظهر على الشاشات ينقل الحقيقة و صوت الشهداء بين القذائف و الموت اليوميّ و الصمود الأسطوري في دير الزور العظيمة
أبو عمر كان شابّاً عمره 22 سنة , وُلد مع الثورة كالوطن و قدّم في سنة ما لم يقدّمه الكثيرون خلال أعمار مديدة , مؤدّب و خجول , يعرف ذلك كلّ من تعامل معه أو حادثة , كما يعرف الموت و المخاطر أنّه على العكس من سمته الحييّ كان يواجهه كلّ يوم متحدّياً غير آبه , و طالما صوّر أحداثاً كانت نسبة الخطر فيها عاليةً حدّ الموت , لكنّ المهمّ الوحيد لديه كان أن يصوّر الجريمة و ينقل المعاناة و يقدّم جسده جسراً على فرات الدم ينتقل عليه الوطن إلى شاطئ الحرية الرحيب .


كان الشهيد , يؤمن بسلاحه و خطره على نظام أسّس حكمه أربعين عاماً على الكذب و دفن التاريخ , كان سلاحه الكاميرا و الصوت المتدفّق بالألم و الحقّ كما الفرات لا ينضب و لا يجفّ
اتصلنا به أمس , لكن لم يجب .... كنّا نعمل على تطوير طريقة جديدة لنقل الأخبار من الدير .. كان دائماً رحمه الله يؤمن بأهمّيّة الحقيقة و الدقّة في نقل الأخبار ، كان نوراً مضيئاً يعمل كلّ ساعة لتبديد العتمة عن ديره الحبيب .. و كان يقول لنا : الدير مظلومة إعلامياً وانا سأقوم ان شاء الله بإيصال صوتها الى الجميع ..


قبل اسبوع تمّ الاتفاق مع البطل على إرسال المعدات الكاملة لفتح مكتب شام في الدير وكان اليوم هو موعد إرسال هذه المعدّات .. لم يحدث هذا ، هناك تغير في الخطة فقط .. هو الأن في ضيافة القوي العزيز ..


اللهمّ كما أحبّ الشهداء .... وكما عشق الدير وفراتها و ترابها , و كما آمن برحمتك و محبّتك و وعدك ... فليفرح بالنصر و يضحك مرتاح القلب على تحرّر الدير العظيمة ... و تخلّص سوريا ممّن زرع فيها الوجع الممتدّ كالسماء و الدم .... اللهمّ نصراً قريباً يشبه وجوه الشهداء و الآمل الذي في قلوب أمّهاتهم بعدلك


كان الشهيد خجولاً وخلوقاً.. كنت أمازحه قائلا " نيال البنت يلي بدها تاخدك" .. الان أقول نيال الحوريات فيك ،نيال الجنة فيك ،نيال الدير فيك


تعيش الدير اليوم حزنها على شهداءٍ غادروها و يغادروها كل يوم منذ غادرها مع صرخة الحرية الأولى و إلى الأبد حلم الطاغية أن يكون له مكان ولو حبّة تراب على أرضِها .. لكنها تعلم أنّ من سيرحل عنها حتماً غداً هو هذا الحزن حين نسمع مع صيحة النصر ضحكاتِ الشهداء .. عاشت سوريا ... و عاشت الدير ... و عاش شهداء الدير .. و عاش الحلم .... و الحلمُ أصدقُ دائماً رغماً عن وهم الطاغية بالبقاء





وصيّة الشهيد
بسم الله الحمن الرحيم


أنا الشهيد بإذن الله عبدالعزيز راغب الشيخ خرجت منذ أحد عشر شهراً للتظاهر ضد نظام الفاسد السفاح بشار الأسد و ملبياً لنداء إخواني في كافة المحافظات وكذلك لأنني رأيت عصابات الأسد المجرمة تتطاول على الله و على العباد و تقتلهم فما استطعت أن أقف مكتوف اليدين ولا أن أجلس في البيت أشاهد المجازر و على الرغم من ان أهلي كانوا دائماً يمنعونني أو يحاولون منعي ،كنت أخرج من دون علمهم وأنا أقول لهم يا أمي وأبي بقائي بينكم عظيم ولكن ما عند الله أعظم..
وأقسم أنني أحبكم أكثر من نفسي و ما فعلت ما فعلت إلا ليغفر الله لي ولكم ويجعلنا في الفردوس الأعلى.
وأقول لأخواني المناضلين ضد بشار الأسد أخلصوا أعمالكم لله وحده و نحن منتصرون بإذن الله ،و لا تتخاذلوا و لا تتكاسلوا ودماؤنا في رقابكم حتى تنتقموا من الطاغية و أقول أيضاً أنني اشتقت لأصدقائي الذين سبقوني إلى الجنة ، و أقول لكم أنني عندما اعتقلت في سجون الأسد لمدة 33 يوم علمت أن الله معنا لأنني رأيت رحمة الله تدور حولنا وتحفظنا من أزلام بشار و أقول لكم صلّوا و صوموا و كبّروا و دعوا المفاسد و اعلموا أن الله على كل شيء قدير


و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته