........الخوف يتملك المدنيين في سوريا مع اقتراب الحرب من العاصمة دمشق
رويترز
تخشى العائلات السوريةالتي نزحت إلى دمشق من أنحاء البلاد هربا من الحرب المستعرة أن
يكون وصول مقاتلي المعارضة المسلحة إلى اطراف العاصمة إيذانا
برحيلهم عن ملاذهم الامن.
وليس هناك ما يشير إلى ان القوات الموالية للرئيس السوري بشار
الاسد تستعيد السيطرة. وتسيطر قوات المعارضة المسلحة في الوقت
الحالي على قوس من الارض يمتد من الشرق إلى الجنوب الغربي للعاصمة.
وفتحت ام حسن - وهي جدة كانت حتى وقت قريب تعيش على اطراف دمشق
- بيتها لاسرة ابنتها التي فرت من بلدة ريفية الشهر الماضي بسبب
القصف.
لكن المعارضة المسلحة سيطرت على الحي الذي كانت تسكنه ام حسن
وهي خطوة تبعتها بالضرورة موجة عنيفة من القصف شنها الجيش الحكومي
واضطرت الاسرة كلها هذا الاسبوع إلى الانتقال إلى ضاحية اخرى.
ووجدت الاسرة المكونة من الجدة وابنتها وزوج ابنتها وطفلتين
مكانا به غرفة نوم واحدة وغرفة معيشة. وتعمل ام حسن في تنظيف
المنازل مقابل نحو 15 دولارا يوميا لتغطي تكلفة الايجار المشترك.
وقالت ام حسن لرويترز "نهرب من مكان لنجد المشاكل في مكان اخر.
لا اعرف إلى اين يمكننا الفرار اكثر من ذلك."
وتستضيف كل اسرة في دمشق تقريبا اسرة من الاقارب الذين جاءوا
من انحاء البلاد هربا من الحرب لكن سكان دمشق انفسهم اصبحوا
يستعدون للاسوأ.
واشتبكت قوات المعارضة المسلحة هذا الاسبوع مع القوات الحكومية
في وسط العاصمة نفسها وتبادلوا نيران البنادق الالية والقذائف
الصاروخية في شوارع حي الروضة الفاخر بالقرب من البنك المركزي.
وقال شاهد عيان طلب عدم نشر اسمه خوفا على سلامته الشخصية "هل
تصدق ذلك؟ القذائف الصاروخية تطلق في حارة ضيقة؟ هل يريدون تدمير
دمشق بأكملها؟"
كما اعلنت المعارضة المسلحة مطار دمشق الدولي منطقة حرب واصبح
من المألوف ان تقع الاشتباكات على الطريق إلى المطار الذي يبعد 25
دقيقة بالسيارة عن وسط العاصمة.
وقتل 40 الف شخص على الاقل منذ بدء الانتفاضة في سوريا في مارس
اذار 2011 باحتجاجات سلمية في الشوارع واجهتها قوات الامن السورية
باطلاق النار ثم تحولت إلى اعنف واطول انتفاضة عربية حتى الان.
وربما كان الاكثر ازعاجا لسكان دمشق هو وعد المعارضة المسلحة
المتكرر بأن المعركة الحاسمة على العاصمة قد اقتربت.
ويدعو مقطع مصور نشر على موقع يوتيوب بعنوان "مراحل ساعة
الصفر: هل انت مستعد؟" إلى العصيان المدني والاضرابات العامة للضغط
على قوات الجيش كي تترك مواقعها وتنضم إلى المعارضة.
ولا يحدد المقطع ساعة الصفر لكنه يقول انها ستعلن على شبكات
التواصل الاجتماعي وقنوات التلفزيون والمساجد.
وتحولت دمشق التي كانت قبلة للسائحين الذين يجوبون المدينة
القديمة ويترددون على مقاهيها إلى ما يشبه الثكنة العسكرية التي
تستعد لكارثة.
ونصب الجيش الشهر الماضي بطاريات صواريخ جديدة على جبل قاسيون
الذي يشرف على دمشق ويقول نشطاء معارضون ان الجيش السوري ينشر
المزيد من بطاريات الصواريخ بوسط دمشق من بينها واحدة في القلعة
الاثرية بالمدينة القديمة.
ويسمع سكان دمشق ليل نهار اصوات القصف الذي يستهدف الاحياء
التي سيطرت عليها قوات المعارضة او التي ما زال النزاع يدور
بشأنها.
وتحولت الشوارع في العاصمة الان إلى متاهة من نقاط التفتيش
وحواجز الطرق بينما اغلقت بعض الطرق الرئيسية امام السيارات بكتل
خرسانية.
ويقف رجال بملابس مدنية للحراسة في كل ركن بالمدينة وليس من
غير المعتاد ان يفتحوا النار على اقل خطر محتمل وان يطلقوا بنادقهم
روسية الصنع في حين يهرول المارة بحثا عن ساتر.
وتعزز قوات الاسد التي تحاول طرد قوات المعارضة المسلحة من
حصارها للاحياء التي تسيطر عليها المعارضة مما يحول دون دخول
الامدادات الضرورية لمن بقي من المدنيين داخل هذه الاحياء.
وخاضت ام حسن هذه الازمة قبل ان تضطر للنزوح.
وقالت "قوات الامن لا تسمح بدخول شيء. لا فاكهة ولا خضروات ولا
حتى طحين من اجل المخابز ولا حليب للاطفال. وعندما وصلت المياه
جعلوا السائق يفرغ حمولته بالكامل على الارض."
وقالت في اشارة إلى نقاط التفتيش التي احاطت الحي الذي كانت
تسكن فيه "في الغالب لم يسمحوا لنا بالخروج ولذلك لم نكن نستطيع
الذهاب إلى العمل."
وتشبه حكايات ام حسن ما يرويه كثيرون من بين نحو 2.5 مليون
نازح سوري فروا من ديارهم في انحاء البلاد.
حتى الاثرياء في دمشق لم يسلموا من تدهور مخزونات الخبز وزيت
التدفئة ومن الصعوبات بشكل عام.
وفي تجمع لسيدات مجتمع في حي المالكي الثري مؤخرا قالت سيدة
انها الان تضطر إلى الترشيد في التدفئة وتشغلها لساعة او ساعتين
يوميا حتى في جو ديسمبر كانون الاول قارس البرودة.
وقالت "سأرتدي اربع او خمس طبقات من الملابس ولا مشكلة. ماذا
يمكننا ان نفعل؟ نحن لا نجد زيت التدفئة."
وحتى لو وجد زيت التدفئة فهو يباع بنحو 20 ضعفا لما كان عليه
قبل الازمة.
وقالت امرأة اخرى وهي زوجة تاجر متقاعد ان اسرتها تحاول دون
جدوى العثور على الخبز منذ عدة ايام.
وقالت انها لم تستطع حتى العثور على خبز غير مدعم وهو الخبز
الذي يباع بثمن 150 ليرة سورية (حوالي دولارين) لكل عشرة ارغفة.
اما الخبز المدعم فثمنه 15 ليرة فقط لكن ليس هناك ما يضمن حصول
الشخص على الخبز حتى لو وقف في الطابور لساعات.
وقالت احدى الامهات ان قلقها على السلامة الوجدانية لابنائها
تبقيها بلا نوم طوال الليل.
وقالت في اشارة إلى الوظائف الحكومية التي كانت تعمل بها
بناتها اللاتي تعلمن في الجامعة "كن يحببن عملهن وكن يتحدثن عن بدء
عمل جديد خاص بهن.
"الان هن بلا عمل. يجلسن في البيت بلا عمل. ويحاولن السفر إلى
الخارج لكن لا احد يعطيهن التأشيرة.
"كل ما اتمناه ان يجدن رجالا طيبين ويبدأن حياتهم في مكان
افضل."