ولكنّه .. ضحكٌ كالبكـا !!

بعد منتصف الليل بـ ( كثير ) .. كان لا يزال يجرّ ( صوته ) ويشدّ ( حنجرته ) على منصّة الحفل الساهر ..
الصبايا يتمايلن أمامه من كل ( الأعمار ) و ( الألوان ) و ( الأحجام ) !! .. المكان كلّه
يهتزّ بين ( صيحات ) الجمهور و ( زمجرة ) آلات الموسيقى .. وعيون أصحاب المكان تسرح بنهمٍ و (دون وعي ) بين ( الكعب العالي ) و ( الخصر الواطي ) !!.
ينظر ( الفنان ) إلى ساعته .. ثم يرفع كلتا يديه وهو يجرّ الكلمة الأخيرة في المقطع .. لتتوقّف الموسيقى ( تدريجيّاً ) ثم يضع يديه ( فجأة ) ليعمّ ( الصمتُ ) المكان ..! .. أصوات الإحتجاج ( ترتفع ) من كل مكان بينما يتمتم ( الفنان ) وهو يضع وجهه بين
( كفيّه ) :
ـ اللهم ربّ هذه الدعوة التامّة والصلاة القائمة ..
يتجّه ( الفنان ) لباب الخروج بين صيحات الجمهور الغاضب .. يعيده ( المتعهّد )
بـ ( قوّة ) القانون و ( ضعف ) الإيمان ويدور بينهما هذا الحوار :
ـ شفيك يا بو حصّة .. باقي نصّ ساعه
ـ لا .. أنا ما أغنّي بعد آذان الفجر يا استاذ جاسم .
ـ والشرط الجزائي اللي في العقد .. يا تكمّل الحفل يا أخصم عليك نص أجرك ..
ـ حرام عليك .. الصلاة بعد نص ساعه .. وأجري على الله !!!!!
ـ طيّب ربع ساعة بس .. ليحد الإقامه وتاخذ أجرك كامل .
يعود ( الفنان ) إلى المسرح وسط تصفيق الجمهور .. ومن ( التقوى ) الزائده يغنّي
( موشّحات ) دينيّة بألحان بطيئة .. كي لا يرقص الجمهور .. فيقوم كل
(عِلج ) بأخذ يد ( سلِقْتِه ) ويضمّها إلى صدره ويرقص أمام الفنان .. ويقترب أحد الراقصين وهو ( مرفـّع حيل ) من الفنان ويقول :
ختمتها بمسك يا بعد طوايفي .. آنا أموت بالـ ( slow dance ) !!.
ـــــــــــــ

يهتز فيها كل ( مفصل ) ويعود ليسكن ( هنيهة ) ثم ما يلبث أن يعود للإهتزاز وتنقبض كل ( عضلة ) في جسدها وتعود لـ ( تنبسط ) في طرفة عين .. والمكان يعجّ بـ ( الدخان ) و ( الكؤوس ) تدير ( الرؤوس ) .. عارية هي إلاّ من ورقة ( توت ) .. كانت ( آلاف ) الجنيهات تتساقط عند قدميها .. وهي تهتزّ بشدّة .. والجمهور كجمهور لعبة ( التنس ) بفارق بسييط هو أنّهم ينظرون من ( الأعلى ) إلى ( الأسفل ) والعكس !.
اقترب منها ( شبه رجل ) وفي يده عباءه وهمس في أذنها .. لبست العباءه وسترت ( جسدها ) وأشارت للفرقة فتوّقف ( العزف ) ... ضجّ الجمهور واقتربت من المايكروفون :
ـ كل عام وانتو بخير
ـ ( هييييييييه ) كان الجمهور ( خارج نطاق التغطية ) ويريدها أن ترقص حتى يموت أحدهما .. إمّا هي أو الجمهور !!.. تصرخ بغنجٍ فاضح :
ـ بكره رمضان .. رمضانكو كريم .. ومفيش وقت .. باقي عالسحور خمس دقايق .. يا الله .. على بال ما تتسحرّوا وتصلّوا الفجر وتناموا .
صرخ أحد الجمهور الـ ( VIP) :
ما نبغى سحور .. إنتي السحور والفطور .. !!
نظرت إليه وابتسمت .. وصاح الجمهور :
ـ عاوزين ( توته ) .. عاوزين ( توته ) ..
ـ حاضر ..بس من بكره هنفتح بعد صلاة العشا لحدّ وقت السحور .. بس !!.
أشارت للفرقة بالعزف وقذفت بالعباءة في وجه شبه الرجل وهات يا ( هزّ ) ..!!.

ـــــــــــــ

كتلة من ( اللحم ) على هيئة إنسان .. ذكر !!.
جلس في برنامج ( فنّي ) جماهيري .. تقابله مذيعة لتحاوره .. يتنافس الإثنان في
الإكسسوارات .. هو يضع في كل إصبع ( خاتم ) وعلى رقبته ( سلسال ) جنيهات
( ذهب ) وفي معصمه الأيمن ( معضد ) ذهب مرصّع بـ ( الألماس ) وفي الأيسر ساعة ( رادو ) تزن ( نصف ) كيلو تقريباً .. وبالطبع من الذهب الخالص ! .
حذاؤه ( فيروزي ) وبدلته ( بنفسجي ) وقميصه ( وردي ) وشعره ( غابة ) ووجهه ( مظلم ) .. بعد جدال طويل مع المذيعة حول ( الأخلاق العربيّة الأصيلة ) تدعوه للغناء فيصفق الجمهور ( الغفير ) ويستعد للـ ( هزّ ) .. يمسك بالمايكروفون ويبدأ بالتصفيق
فيتلاطم ( موج ) الجمهور ويحتكّ ( الحابل ) بـ ( النابل ) .. ويأتي صوته خليط من عواء ( ذئب ) جائع لدغته ( أفعى ) تفحّ وهي تقاتل من أجل ( الحياة ) ..
الصبر عــدّى حــدُّو ــــ ودجله نـادى النيل
ماتقولوش خلاص وهدّوا ــــ دا هلاكك يا اسرائيل
هيييه ........... هييييه
انا جاي لك يا اولمرت ـ يا يهودي يا بن اليهود
بـناتـنا زي المدافـع ـ وشبابـنا زيّ الأسود
الجمهور يرفع أعلام ( فلسطين ) وشارات ( النصر ) .. والفنان يمسح ( دموعه ) وهو
في قمّة ( الحماس ) الفنّي .. يأخذه الحماس إلى ( الإرتجال ) ..كعادته :
قسماً بالله يا أولمرت ـــــ حـ تشوف كل العزاب
والقدس ترجع تـاني ــــ بـ عزيمة الشباب
هيييه .......... هييييه
هـ صـلّي الفـجر بغـزّه ـ والظهر في الخليل
والعصر فـ بيت المقـدس ـ في زوالك يااسرائيل
المشاهدون في بيوتهم أخذهم ( الحماس ) فقاموا يردّدون مع ( الفنان ) .. وصفوّا كالجيش
( الفاتح ) وهم يستعرضون ( مسيرتهم العسكريّة ) وفي الشريط الإخباري في أسفل الشاشة يمرّ هذا الخبر ( العاجل ) :
إسرائيل تعيد احتلال الضفّة وغزّة وجنوب لبنان وتقف على أبواب دمشق !!!.

ــــــــــــ

الساعة الواحدة ظهراً ..جلسوا في ديوانّّية مساحتها (100 ) متر مربع .. مفروشة سوبر ديلوكس .. خلف شاشة ( بلازما ) 39 بوصة وتحت مكيّفات ( LG ) .. وكأنّهم في ( سيبيريا ) .. صاح أحدهم :
ـ فـرّوه على ( الكويت ) .. الساعة وحده هالحين .. خلّونا نسمع الأخبار .
أخذ احدهم الريموت و( فرّ ) على الكويت ..
( هنا الكويت .. نشرة أخبار الواحده .. قام الصندوق الكويتي للتنمية بإقراض ( ليبيريا ) 15 مليون دينار كويتي لبناء جسر .. )
سأل أحدهم : ليبريا هذي وش هي ؟ لعنبوهم يعطونهم 15 مليون ..
ـ يا رجّال .. الحمد لله .. يقولون فايض الميزانيّة 15 الف مليون .. خلنا نسمع
( كما وقّع مدير الصندوق الكويتي قرضاً لـ ( سيراليون ) بقيمة 10 مليون دينار كويتي لبناء مساكن للمتضرّرين من ..)
ـ سراليون هذي وش هي ؟؟ ديره ولاّ مَـرَه ؟؟
ـ لا اله الاّ الله .. يا ولد اركد خلنا نسمع .. هذولا فقارى ماعندهم مكيّفات مثلك ..
( وقد قام مدير الصندوق الكويتي للتنمية بتوقيع منح قرض لـ ( زامبيا ) بقيمة 5 مليون
دينار لبناء سدّ على نهر ( الدانغو ) ...)
ـ يا الربع زامبيا وش هي ؟؟ ووش الدانغو ؟؟ علي الحرام مهمب عرب ..
ـ اللهم لك الحمد .. والله ان حنا في نعمه .. الله يعزّ الحكومه ..
( كما تمّ توقيع منح قرض بقيمة 35 مليون دينار لجمهوريّة ( زمبابوي ) لبناء محطّة كهرباء .. )
ـ يا ولد وش هالدْيـَر اللي ما سمعنا بها ألاّ اليوم .. هذي الأخيره وش اسمها ؟؟
ـ إسمع .. يقول خبر عاجل .. أبك إسكت واسمع .
( خبر عاجل .. بلغنا أن الحمل الكهربائي قد بلغ الحد الأقصى وسوف تنقطع الكهرباء بعد قليل فى خمس محافظات إلى أجلٍ غير مسمّى ..)
إنطفأ التلفزيون والمكيّفات .. لحظات وبدأت الحرارة تنتشر في أرجاء الديوانيّة .. قال أحدهم باستهزاء :
ـ كم تقول فايض الميزانيّة ؟
ـ 15 ألف مليون دينار .. حوّلوها للأجيال القادمه ..
ـ ويبنون لـ زمبابوي محطّة كهربا على ظهورنا ؟؟
ـ يعين الله .. يبنون محطة كهرب لزمبابوي وحنّا نفطس هنيّا ما عندنا كهرب !!.