,
.. بسم الله أول القول , نفحات الإخاء مدد الحديث , سنابل من التواصل تحفنا جميعاً . أشتقت كثيرا للمرقاب وأهله فكيف هي الأحوال يارفاق الحرف والفكر ؟ أنا هنا لست موجهاً , ولا بمثابة الخطيب , لا ولست مبرئاً نفسي , ولا أجدني محقاً في إختلاق عذرٍ أنيق . كل مافي الأمر , هل المرقاب يستحق أن نأتي من أجله ؟ هل المرقاب يلفظ أنفاسه الأخيره ؟ هل المرقاب يحترق ؟ هل المرقاب تلاشى بريقه تعفف عطائه ؟ تقلص مطره ! شحب وجهه ! توارى عنه الكثير ! وهجره الشعر ! وأنكمشت زياراته ! تمدد تصحّره ! تراشقت أرائه ! تسطّح طرحه ! إنقبض ضوءه ! غبنا جميعاً , نأتي خجلاً لا رابطاً بشكل ٍ يوحي أن المرقاب وشم في هويتنا الأدبية , نطل من خلف النوافذ لنقرأ ما تيسر من الجديد , ونجد الحال كما هو , لا جديد , كبرائنا الذين وضعو لبنة المرقاب الأولى أشعرونا باليتم , قسو في غيابهم , طعنو الأنتظار وأستولت وحشتهم دفاترنا , صرخنا و أنشد البعض ممن يرجو لقاء الأدب فوق منضدة تفوح عبقاً مما لذ وطاب من جميل الكلم ونوادر الواقع في قالب زاهي كما لو أن الشعر دواءاً لا يهديه سوى من يشعر بوخز الأيام لنا وأحداثها التي باتت تؤرق الكثير وتمد لسانها لتلسع ما تمدّن من أفراحنا , فحينما أنشد بعضنا صوتاً فضفاضاً كأنما بصوت واحد أين غاب الأحباب , وأين هاجر الصحب الأوفياء , جمعتنا الأخوة في الله , بل تشعبت صداقتنا حتى عرفنا بعضنا البعض خارج أسوار مدينتنا المرقابية لنحضى بلقاء أبدي وأخويْ , تسامرنا تحت مضلة الحب , تراقصت أحرفنا في عناق بهيْ , أعترفنا بكل شيء مؤلم , تعاضدت قلوبنا في جبر مصاب أحدنا , ومشاركتنا لأحزاننا جنبا ً إلى جنب وأفراحنا أيضاً , أين نحن الآن , ولماً لا يكون التواصل مستمراً كسابق الأيام , هل هناك هوةً بدت تتفاقم بشكل مربك , هل هناك خللاً في وصالنا , هل التويتر مغريْ للحد الذي يجعلنا في دوامته نرتع ونغني وننشد ونتواصل بشكلٍ محبب للنفس أكثر وأكثر , هل أخذ المرقاب منحى آخر , في مواضيعه , هل تراشق المواضيع أصبح مملاً , هل أعتدنا على وجبة خفيفة سريعة الهضم , بينما المواضيع التي تطول مائدتها تصيبنا بالأرق والملل , هل أصبح المرقاب باهتاً للحد الذي جعل ما يصيب الشارع العام هذه الأيام من صراعٍ هو حديثنا الأول , هل توسطنا النار ورقصنا دونما أن نعي ما نقول , هل عصرنا عقولنا لنخرج بردٍ فيه من السطحية ما يجعل بعضنا وحشياً , لا نريد صراعا فحسب نريد رأياً يقنعنا , نريد فكراً ينير الطريق لا يخلق لوائح مبعثرة لمن يسلكه أين يتجه , لماذا لم يعد هناك متسعاً للرأي والرأي الآخر , لماذا لا يكون هناك مسرحاً واسعاً لحرية التعبير التي يهتدي بها الفكر لا تهوي بنا في ردهات الحيرة والسخط وجلد الهوية المشعة , لماذا لا نعود كما نحن في سالف الأيام نمسك جبين الشعر لنقبّل ناصيته , لماذا مشاغل الحياة جعلتنا في هروب من متنفسنا , لا يخلو أحداً من عراك الحياة أبدا , ولا هناك من يصرّح أنه خاليا من أهوائه وأولوياته , لما لا نسخر ساعة واحدة فقط لنجتمع كما لو أننا في متكئٍ أو مكانٍ يجمعنا معاً , لقد كان المرقاب محرضاً بارعاً في أعادة ترتيب أوراقنا , وتسخير مواهبنا في تموين الذائقة شيئاً فاخراً , بل أنه كان بمثابة الموجه وترتيب الموجة الحقيقة للشعر الحقيقي , كان شجرة تؤتي أكلها لمن يرتاده , كان حلماً لكل من أراد أن يحصل على عضوية لينضم لركبه الشهير , كان مدرسة تخرج من بين صفوفها شعراء كثير , أستقبلتهم المنابر , وهتفو هنا وهناك , عندما نبحث في الصفحات الأولى نشعر بغصة, بحزن , بشيء يؤلم , بحرقة قاتلة , بإعياء ٍ سام , لقد جمع المرقاب الشاعر والكاتب والمصمم والرسام , والمنشد , وأستضاف كبار الأسماء , والعطاءات التي لا تنضب , أعوام مضت ولا تزال ثمارها تملؤ الألباب والذاكرة , ما يؤلم هو غيابنا , ما يقتل هو أن نضل في تقصيرنا عائمين , ما أجمل أن نستعد ونعيد بريقنا بأنفسنا , لقد هاتفت ما تيسر من الأعضاء وأستبشرو خيراُ لأن المرقاب يستحق , ولكن متى يحين الوقت نحن ننتظر عودتنا جميعاً بيد واحدة بقلب واحد بشيء من رد الجميل لهذا المكان , الذي أعطى الكثير , فمن خلاله عرفنا الكثير وصفق لنا الكثير وحفظ لنا الكثير , وتابعنا الكثير , قصائدنا توسع أنتشارها , أنشد لنا المنشدون وردد قصائدنا من أحبها , وفي النهاية لا أريد أن أطيل على الجميع , سؤالي هو / هل المرقاب يستحق , فإن كان بنعم فلما لا نكون أوفياء معه ؟
هذا ودمتم وعلى الحب نلتقي .
* عبدالرحمن السمين .