عندمــا تسـري القوافي ..( المحاورة )

بسم الله الرحمن الرحيم

عندما تسري القوافي !!!!!

القافية في اصطلاح أهل العروض هي : آخر حرفين ساكنين وما بينهما من حروف متحركة ، فالقافية في قول الشاعر العربي : أقول لها وقد طارت شعاعا ** من الأبطال ويحك لن تراعي .. هي ( اعي ) ولابد أن يسير الشاعر على هذه القافية إلى نهاية قصيدته .
وفي شعر المحاورة نجد القافية هي نفسها التي عرفها أهل العروض . غير أن بيت المحاورة ـ دائماً ـ يتكون من قافيتين ، ففي الشطر الأول قافية وفي الثاني قافية .
فالقافية في بيت ( الرياحي ) الذي يقول فيه : ـ
دام البقا يا ذيب يا مسعور *** والسوق عامر والذهب غالي
( ور ) في الشطر الأول و ( الي ) في الشطر الثاني .
ولكن …. ما أهم عيوب القافية التي يقع فيها شعراء المحاورة أحياناً ؟؟

إن من العيوب التي يقع فيها أحياناً الشعراء هو أن يختلف حرف من حروف القافية ، وهذا عيب ظاهر لا يخفى على أحد ولذلك تجد الجمهور والشاعر المقابل ينبهان الشاعر إلى هذا العيب ليتم تداركه .

كذلك من عيوب القافية أن يكرر الشاعر كلمة بنفس اللفظ والمعنى وقد سبق أن وردت في بيت سابق لم يفصل بينهما سبعة أبيات على الأقل ، أما إذا فصل بينهما سبعة أبيات فإن علماء القافية والعروض لا يعدون ذلك عيباً .
فمثلاً يقول الشاعر ( جار الله السواط ) : ـ
يالعصيمي نبا ناخذ معك فالملعبة ربع ساعة *** والمعاني نصرفها كما صرف السيوف الحدادي
فلو رد العصيمي ببيت وذكر فيه ( ساعة ) بمعناها الزمني لكان ذلك عيباً ، ولو رد ببيت وذكر فيه ( ساعة ) بمعنى القيامة لما كان ذلك عيباً في القافية .
ونحن نسمع الجمهور كثيراً ما يردد ( سرتْ ) أي أن الكلمة التي ذكرها الشاعر سبق ذكرها . وإليكم مثالاً آخر : ـ
في إحدى المحاورات قال ( المسعودي ) : ـ
ليا اوعدت لا تطلع مواعيدكم عرقوب *** يسولف بها الأول على حضرة التالي
ثم قال ( العصيمي ) : ـ
ليا زلّ بك راس القدم لحقه العرقوب *** وعلماً على بالك وعلماً على بالي
فنلاحظ كلمة ( عرقوب ) قد تكررت … فهل هذا عيب في القافية ؟؟؟ الحقيقة أنه ليس عيباً ؛ لأن ( عرقوب ) الأولى اسم شخص و ( عرقوب ) الثانية تعني مؤخرة القدم . فاللفظ وإن كان واحداً إلا أن المعنى مختلف .

كذلك من عيوب القافية في شعر المحاورة أن تكون المحاورة حماسية وملتهبة ، ثم يأتي شاعر ليغير بـ ( قاف ) جديد وتكون قوافي هذا القاف الجديد قوافي ميتة . أي أنها لا تزيد اللعب حماساً بقدر ما تؤدي إلى قتل الروح الحماسية في الصف والشاعر . ففي إحدى المحاورات كان الصف واللعب مشتعلا ثم غيّر أحد الشعراء بقوله : ـ
سلام ردية على الحضار *** في ليلةٍ تشبه ليالي العيد
فقافية الشطر الأول لا اعتراض عليها ، ولكن قافية الشطر الثاني غير جيدة لأنها تقتل روح الحماس في الجميع .

ومن عيوب القافية أيضاً أن يعمد الشاعر إلى قافية تعجيزية ، أي قافية كلماتها محدودة ظناً منه أنه بذلك يكون هو المسيطر على المحاروة ونسي أو تناسى أن هذا مما يقتل المحاورة قبل أن تولد .

وهناك عيوب كثيرة متعددة للقافية ولكن أكثر تلك العيوب تنطبق على الشعر الفصيح أما المحاورة بلغتها العامية فلعل ما سبق هو أكثر عيوبها وضوحاً ؛ لذلك يجب على شعراء المحاورة الاهتمام بذلك .

في إحدى المحاورات بين حبيب العازمي ومحمد السناني كان مايلي :

بسم الله اللي خلق واللي رزق من خلق ** خالق جميع العباد امقدّر ارزاقها
أبا تعوّذ من اجهيــنة برب الفــلق ** أدناة كلمـة بسيطة تقفل اخلاقها

محمد
يا الله ياللي خلقت الآدمي من علق ** يا عالماً في غروب الشمس واشراقها
اتعيذنا ياولي من كلّ فاسق فسـق ** الأرض ما عــاث فيها غير فسّاقها

حبيب
سنتر على ابداية المضمار ثمّ انطلق ** أظنّ رجلك تطول وتنمـغط ساقها
أنته عينت الجمال اللي علاها الحلق ** اللي رزقها بضنوة حنث واستاقها

محمد
أبشر بمرّك سوات البرق لنّه برق ** وانته تعرْف المخايل كيف برّاقها
الزمل راحت تهادى والطريق افترق ** الدرب عيّا يجمّل والزمن عاقها

حبيب
لابدّ عينك بعد كثر السهر تنبــلق ** واتشوف غترتك ماجودة بمـعلاقها
جعله مراح ارنباً هدّت علاها السلق ** هدّت علاها السلق من حظ سلاّقها

محمد
أنته كذلك علاك السالفة تنطبق ** انحاش قبل الأوادم تنشف ارياقها
يا قوّ قلبك على قلبٍ علاك انحرق ** اتدور لاماك وانت اتدوّر افراقها

حبيب
المسلم اللي رمى الجمرة وقصر حلق ** حلّ الحرام ودخل مكة مع اسـواقها
هدّاج ما ينقصه من في صميله شلق ** ان كان تبغى المشاكل رح لها لاقها

محمد
يا حظ منهو على الشرع المطهّر صدق ** لكنّ بعض الأوادم بيّن انفــاقها
الطارق اللي على باب المشاكل طرق ** ياصلك باسط يدينه بعدما ذاقها

السؤال هو :
هل عدم التزام محمد السناني بقافية ( لق ) في الشطر الأول يُـعـَـدّ عيبـًا ؟