![]() |
![]() |
![]() |
||
![]() |
![]() |
|
|
![]() |
![]() |
|
|||||||||
|
||||||||||||
|
|
|
|
|
|||||||||
| ..: المرقاب للأدبِ والثّقَافَةِ :.. الشعر الحر - النقد البنّاء - دراسات أدبيّة |
|
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||||
|
||||||||
|
قراءات ادبية ( 1 ) عاتق الصبر لـ عناد النفيعي
بسم الله الرحمن الرحيم
الفقد هو الجانب الأقوى في شخصية الإنسان ويكون أقوى بمراحل عندما يكون الفقد هو فقد الأب وفي المراحل الأولى من العمر وهذا ما يبقيه في أوج سيطرته على شعور الشخص فيجده في أفراحه ويتمنى انه ُ موجود ويشاركه بها ويجده في إحزانه ويتمنى لو كان موجود ليكون هو الجانب الذي يرتمي إليه ويجده في تعثره ويتصور أن تعثره بسبب غيابه عنه وغياب توجيهاته ، لا اعتقد أن شخصا فقد والده في سنين عمره الأولى يستطيع أن ينساه وهو في كل صباح ينادى في المدرسة واسم والده حاضر بعد اسمه فالطلاب يحضرون ليتعلمون وهم يحضرون ليتألمون . كان هذا رد الزميل المرقابي عفاس بن حرباش على قصيدة ( عاتق الصبر ) للمبدع المرقابي عناد النفيعي الذي رثى فيها والده - على قبره شآبيب الرحمة والمغفرة - وقد تم اختيار هذه القصيدة الموغلة في الجمال الأدبي والحسي لـ تكون القصيدة الأولى في هذه الفعالية ,, يستهل شاعرنا قصيدته بـ قوله : على اثر افتقادك ظل دائي == يعاودني وينعم باحتوائي فـ تستبق الجوارح باعتدال == إلى ماكنت احسبه دوائي يصف شاعرنا حاله بعد صدمة فقده لـ والده وعواقب تلكم الصدمة فـ يقول إن داءه الذي ترك لـ متخيلاتنا التساؤل عن ماهيته وصفته يعاوده ويكرر عليه الزيارة القاسية يوما بعد آخر .. يداوم على زيارته ليل نهار لا ينفك عنه , فـ متى ما زاره ذلك الداء المجهول الذي ينعم بـ احتواء قامته ويظهر هنا جليا النرجسية الشعرية الجميلة حيث انه جعل لـ ذلك الداء شرف احتوائه والعيش معه .. أقول متى ما عاوده ذلك الداء تتسابق جوارح الشاعر بـ سكينة وطمأنينة إلى دوائه الذي يصفه في البيت التالي.. وفي البيت الثاني فلاش شعري رائع حيث انه كيف جمع الشاعر بين الاستباق والاعتدال .. لأنه معلوم أن التسابق لا يكون إلا فوضويا غير مرتبا.. لكنه احكم اللجام على جوارحه فـ أصبحت تتسابق إلى دوائه الموهوم بـ اعتدال وطمأنينة إلى حزن لـ نفسي اصطفيه == ودمع فيك يبلغني عزائي أناجي فيهما بالصبر قلبا == على مايعتريه من العناء هنا يكشف عن ماهية الدواء قبل الداء وفي ذلك ذكاء شعري صيدلي .. فـ يصف الدواء بـ انه الحزن والدمع , ويترك لنا التساؤل : متى كان الدمع والحزن دواء لـ داء .. لأننا لا نعرف إلا إن الحزن هو الداء العضال ؟ لكن من حجم صدمة شاعرنا بـ فقد حبيبه ووالده رحمه الله قد اختلطت عنده المفاهيم فـ أصبح يتذوق في الداء مرارة الدواء والعكس صحيح.. ثم يصف حزنه بـ أنه يصطفيه لـ نفسه ويمنع من حوله أن يتعرض لـ حزنه وهذا لأنه يحب من حوله فـ يأبى على حزنه أن يعكر صفاء من يحب .. وهنا يتضح جليا سمو الشاعر ورغبته في سعادة من حوله .. ويصف دمعه انه يبلغه عزائه في والده الذي قد مسحها ذات يوم.. ويبطن لنا تساؤل عجيب, من سـ يمسح ذلك الدمع بعد أن رحلت يا والدي ؟ !! ثم يقول انه يناجي ويسر إلى قلبه بالصبر بـ واسطة وسيلة دمعه وحزنه على ما قد تكبد ذلك القلب من العناء من فقد والده وحبيبه وروح أينما ثقفت أفاءت == بما ترك الرحيل من البقاء إذا ما زادها الفقد اشتياقا == تصعد بالحنين إلى السماء هنا يتضح جليا لغة الشاعر وتأثره الكبير بـ لغة القرآن الكريم .. في استخدامه لـ ألفاظ : الثقف والإفاءة والتصعد وكل هذه الألفاظ من ألفاظ القرآن الكريم . يقول أن روحه أينما وجهت في سبحات هذا الكون الفسيح .. لا تجد إلا ما ترك الرحيل القاسي.. من البقاء, وما ترك الرحيل من البقاء إلا الحزن والدمع والهم والفقد !! ؟ ثم يستخدم مهاراته الشعرية في وصف حالة روحه متى ما زادها الفقد القاسي شوقا لـ لقاء محبوبه .. أنها تصعد إلى السماء لـ تلتقي بمحبوب وتسبح في هذا الكون لـ تبحث عنه.. لكن معلوم أن من فقد شخصا يحب إن يأتي إلى أماكن جمعته به على الأرض.. لم اختار شاعرنا السماء هنا عن الأرض ولم يقل انه يذهب إلى مسجده أو محرابه أو متجره أو مجلسه في بيته ؟ لان شاعرنا من عظم حبه لـ والده يعتقد أن روح والده سماوية لم تختلط بـ زيف الأرض وقذارتها يوما.. فـ هو متى ما فقدها بحث عنها في موطنها الأصلي هناك. فما أقسى الرحيل بلا وداع == وما اعتي الوداع بلا لقاء هنا بيت حكمة .. جمع فيه شاعرنا بين قسوة الرحيل بدون الوداع .. و عتو الوداع بدون اللقاء , ويقول أن والدي لم يخبرني قبل وفاته انه سـ ينتقل إلى الملكوت الأعلى لكي اقبل جبينه الطاهر وأودعه واشمه .. لكنه ودعني بـ دون لقاء, وما أقسى الوداع بلا لقاء !! رحيلك لم يكن جرحا دفينا == رحيلك كان إذنا بانتهائي يخبرنا شاعرنا أن رحيل والده لم يكن جرح ينسيه إياه الزمن.. أو يعوض في محبوب آخر, بل كان إذنا بـ انتهاء حياه شاعرنا وتوقفها, ورغم سوداوية هذا البيت وتشاؤمه.. إلا انه يحمل جماله في تلك المبالغة الأدبية الرائعة.. فمن لي حينما اقتات همي == ومن لي حينما أشكو بلائي هنا يتساءل الشاعر عمن سـ يقف معه حينما رحل والده إذا ما عانى من همه.. أو اشتكى من بلائه, ومن سوف يسمع له ويهون عليه.. وينصحه ويوجهه بعد أن رحل اصدق محبوب واقرب صديق ؟ أيا أبتي لم الجسد المسجى == اقبله فلا يهوى لقائي أيا أبتي وقد أعليت نعشا == أذل له ويشمت بانحنائي أيا أبتي وقد واراك قبر == أخاطبه فيعرض عن ندائي هنا يبدأ الشاعر في رحلة تساؤلات طويلة .. قد كتمها حينا من الدهر, وهو يخاطب والده بـ ضمير النداء للبعيد وهو أيا لـ يعبر عن بعد المدى الجسدي بينهما ولو تقاربت الأرواح.. فـ يقول يا أبي وهذا جسدك الذي اعرفه وتلك شعرات لحيتك التي قد لعبت فيها وانأ صغير .. هذا مبسمك وهذا ثغرك الضحوك, هذا أنت.. لم يا أبي تغيرت علي ؟ كنت سابقا أقبلك وألاعبك وتلاعبني .. اليوم أقابلك وأقبلك لكن جسدك يعرض عني ؟ هل فعلت شيئا أغضبك يا أبتي ؟ لم هذا الصمت المطبق يا أبتي ؟ لم ؟ ثم هذا نعشك .. قد أعليت عليه وأنت قبل لم يستطع أقوى الأشخاص أن يصرفك كيف يشاء .. وها أنت يا أبتي قد اختلفت عادتك وأعلاك أحبتك النعش ؟ لم يا أبتي وأنت قد زرعت في وفي إخوتي العزة .. ها انذا أذل لـ نعشك الجامد وانحني له فـ يشمت لانحنائي له .. وأنا والله ما انحنيت له , ولكن لعظم الشخص الذي يحمله هذا النعش القاسي. يا أبتي .. وهذا قبرك وقد ووريت فيه الثرى وأنت مسكنك الثريا.. ها انذا أخاطبه واسر له عن همومي وأناجيه .. لكنه لا يجيب ندائي ؟ لم يا أبي ؟ لم يا حبيبي ؟ لم ؟؟ وفي هذه التساؤلات يتقن الشاعر فن الشعر .. حيث انه قد رتب الأبيات على مراحل دفن الميت.. فـ أول بيت عن ذلك الجسد قبل الكفن .. ثم ذلك النعش بالكفن .. وبعده القبر .. ثم يسافر بنا الشاعر إلى بيت القصيد – إن صح الاسم – وهو قوله: أما في عاتق الصبر ارتواء == فـ اعقد في أعنته رجائي هنا استفهام استنكاري يتساءل فيه الشاعر انه قد صبر .. أين ثمرة الصبر تلك التي يدعونها, إنا لم انس أبي.. ولم أسلى عن ذكراه يوما من الدهر ؟ و جمال هذا البيت يكمن في تساؤله الذي يحمل نوعا من التشاؤم .. ثم يقول : نأت عشرون فقدك مسرجات == بيتم قد أحاط بـ كبريائي له دمعي وحزني واشتياقي == ولي منه التكفل بالإخاء يقول أن عشرين سنه قد سافرت عنه ونأت عنه بعيدا .. لكنها أخذت معها يتم قد أحاط بـ حياته.. وحطم كبريائه , وصادقه في حياته .. ثم يخبر عن تلك الصفقة القديمة .. فـ هو قد وهب هذا اليتم حزنه ودمعه واشتياقه , والتي هي غالية عليه .. ولم يهبها لأحد إلا لـ هذا اليتم لأنه يتم أبيه.. وهو يحب أبيه.. ومن اجل عين تكرم مدينه كما يقولون. وهذا اليتم الوفي قد وافق على الصفقة مقابل أن يتكفل بـ إخاء شاعرنا ابد الدهر.. والأخوة أسمى معاني القرب والمحبة , وهنا يتضح جليا وفاء هذا اليتم .. ثم يختم شاعرنا هذه الدرة بـ قوله: من كل ذلك واستنتاجه التي استقاه من تلك السني القاسيات عليه وهو قوله : فـ ما آنست في حزني شفاء == وما أحياك يا أبتي بكائي يقول أن ذلك الدواء الموهوم الذي تستبق إليه جوارحه دوما.. متى ما عاوده داءه .. لم يفده ولم يشفي جرح فقد أبيه.. وكذلك بكائه المستمر على جثمانه الطاهر لم يعده إلى قيد الحياة لـ ينعم بـ قربه روحا وجسدا كما هو يستلذ بـ قربه روحا ويعاني من بعده جسدا.. رحم الله والد مبدعنا وغفر له واسكنه الجنة وسقاه من نهر الكوثر شربه من يد رسوله صلى الله عليه وسلم لا يظمأ بعدها أبدا وجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .. والحق به ذريته غير خزايا ولا مفتونين .. وجعله يقدم يوم القيامة ويرى جبلا من الحسنات فـ يقول لـ ربه أي رب لم اعمل هذا.. فـ يقال له هذا بـ بركة دعاء ذريتك لك .. أعان الله شاعرنا على حزنه .. ومتعه بـ ذريته وأصلحهم له ورزقه برهم ورزقهم رضاه .. وأمد الله في عمره على طاعته
آخر تعديل عادل بن حجنه يوم
20-06-2011 في 12:39 PM.
|
| العلامات المرجعية |
| يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| قراءات ادبية لـ قـصائد ( مرقابيـة ) | عادل بن حجنه | ..: الأرشيف :.. | 16 | 20-06-2011 12:26 PM |
| عناد النفيعي ! | عفاس بن حرباش | ..: المرقاب للفُنون الشّعبية :.. | 48 | 18-07-2010 06:55 AM |
| [ عناد النفيعي ] ... وشعراء المرقاب , في جريدة الـراي الكويتية | نايف بن مطيع | ..: مرقاب الإعِلام :.. | 15 | 05-07-2010 09:17 PM |
![]() |
![]() |